كتبت جريدة الوفد
الصيدليات أسرار.. وسر أسرارها مالكوها وأصحابها.. ومن يبحث فى هذا السر سيكتشف أن حوالى 28 ألف صيدلية فى مصر لا يملكها صيادلة، وإنما يملكها حرفيون وجزارون وبقالون ومدرسون.. وفئات أخرى ليس لهم علاقة بالصيدلة ولا بالدواء.
المثير أن امتلاك صيدلية تحول إلى معركة ضارية.. أبطالها صيادلة، وتجار ومسئولون كبار فى كل المحافظات.. وأسلحتها مياه النار و«تجريس» ومحاولات اغتيال.. وسبب المعركة هو تراخيص الصيدليات.
ونظراً لخطورة هذه المعركة خصصت نقابة الصيادلة لجنة خاصة لخوض المعركة أطلقت عليها اسم له دلالة كبيرة فسمتها «لجنة الدخلاء».
28 ألف صيدلية يملكها جزارون وبقالون ونجارون
كتب: مجدى سلامة
تؤكد نقابة الصيادلة أن فى مصر نحو 200 ألف صيدلى، و70 ألف صيدلية.. إذن يمكن بسهولة أن يكون فى كل صيدلية صيدلى واثنان وأكثر.. ولكن الواقع يقول غير ذلك.
فحسب تقديرات الدكتور صيدلى أحمد عامر -عضو مجلس نقابة الصيادلة، رئيس لجنة الدخلاء بالنقابة- فإن نحو 40% من الصيدليات يملكها ويديرها غير الصيادلة، أى أن هناك نحو 28 ألف صيدلية لا علاقة للصيادلة بملكيتها أو بإدارتها، فملاكها الحقيقيون جزارون وبقالون وحرفيون وأصحاب أفران ونجارون ومدرسون وحاصلون على بكالوريوس علوم وأطباء بيطريون.
كيف حدث هذا؟.. يجيب الدكتور على عبدالله - مدير مركز الدراسات الدوائية - السبب فى المجاملات والرشاوى وقصور التحريات التى كانت تتم على المتقدمين بطلبات للحصول على تصريح صيدلية.
وفى نقابة الصيادلة، وجدت إجابة مماثلة تقريبًا لما قاله الدكتور «عبدالله».. وقال الدكتور أحمد عامر، رئيس لجنة الدخلاء بالنقابة: «منذ أن تولى مجلس النقابة الحالى مهمته فى مارس 2015 قرر خوض معركة ضد الدخلاء على مهنة الصيدلة، وتم تكوين لجنة عامة تحمل اسم لجنة الدخلاء، تضم 30 صيدلى، من بينهم 27 عضوًا كل منهم يمثل محافظة، إضافة إلى رئيس اللجنة ومقررين اثنين، وفى كل نقابة فرعية لجنة مماثلة تتولى إجراء تحريات حول كل من يتقدم بطلب للحصول على ترخيص صيدلية ويحق لهذه اللجنة الاستعانة بمن تشاء من موظفى النقابة لإجراء التحريات حول الصيدلية المطلوب ترخيصها، فإذا تبين أن المالك الحقيقى للصيدلية غير صيدلى يتم فورًا رفض ترخيصها».
وكشفت تقارير نقابة الصيادلة أنه تم رفض ترخيص 528 صيدلية فى 11 محافظة خلال الـ 15 شهرًا الأخيرة، بعدما تبين أن مالكيها غير صيادلة.. وحسب ذات التقارير -التى حصلت الوفد على صورة منها- فإنه النقابة تلقت 175 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة فى المنوفية تم رفض 64 طلبًا منها «بنسبة 37%» بعدما تبين أن تلك الصيدليات لا يملكها صيادلة.. ولنفس السبب تم رفض ترخيص 37 صيدلية من أصل 130 تقدموا لترخيص صيدليات جديدة «نحو 29%» فى الفيوم، وفى ذات المحافظة تم إلغاء 5 صيدليات قائمة بالفعل ومرخصة بالسابق نظرًا لامتلاكهم لغير صيادلة.. وفى القليوبية تلقت النقابة 456 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة، تم ترخيص 414 صيدلية «بنسبة 90%»، أما الباقى فتم رفضه.. وفى بنى سويف تم ترخيص 139 صيدلية، ورفض 20 طلبًا للترخيص «بنسبة 13% تقريبًا» بخلاف إلغاء ترخيص 3 صيدليات قائمة بالفعل.
وفى البحيرة تم رفض 37 طلبًا لترخيص صيدلية جديدة، وإلغاء ترخيص 5 صيدليات كانت قائمة، وتصحيح أوضاع 12 صيدلية بنقل ملكيتها لصيدلى بدلاً من الدخيل، فيما تمت إحالة 18 صيدلية للتحقيق، و23 صيدلية للهيئة التأديبية بالنقابة العامة بسبب ملكية غير الصيادلة لها.
وفى سوهاج تم تقديم 331 طلبًا لترخيص صيدلية جديدة فلم يتم سوى ترخيص 196 صيدلية فقط «بنسبة 59%»، أما النسبة الباقية فتنوعت بين رفض 82 صيدلية، والتنازل عن ترخيص 53.. وفى الدقهلية تمت الموافقة على ترخيص 327 من أصل 345 صيدلية «بنسبة 95%» تقريبًا، فى حين تم رفض 88 صيدلية، ثبت أنها غير مملوكة لصيادلة.. وفى الإسكندرية تم رفض 36 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة.. وفى أسيوط تقدم 316 صيدلياً بطلب لترخيص صيدلية جديدة، تمت الموافقة على 156 «بنسبة 49%».. وفى الأقصر تقدم 35 صيدلياً لترخيص صيدليات جديدة، فتمت الموافقة على 11 فقط «بنسبة 31%».. وفى أسوان، تقدم للترخيص 64 صيدلية، تمت الموافقة على 52 صيدلية «بنسبة 82%».
وقال الدكتور أحمد عامر، رئيس لجنة الدخلاء بنقابة الصيادلة: إن أعضاء اللجنة تتعرض لضغوط رهيبة من نواب فى البرلمان وقضاة ورجال شرطة ومسئولين فى كل المحافظات من أجل إصدار تراخيص لصيدليات لا يملكها صيادلة، وبسبب تلك الضغوط قرر أعضاء لجنة الدخلاء فى محافظتى أسيوط وسوهاج أن تبقى أسماؤهم سرية حتى يتفادوا الضغوط التى يتعرض لها أعضاء اللجنة فى كل المحافظات، أما أعضاء اللجنة فى مطروح فطلبوا أن تتولى اللجنة العامة البت فى طلبات ترخيص الصيدليات لحساسية الأحوال هناك بسبب التركيبة القبائلية فى مطروح.
وأضاف: «وصلت الضغوط لدرجة التهديد بالقتل لأعضاء اللجنة، وفى البحيرة مثلاً تم تهديد مقرر لجنة الدخلاء الدكتور حسام جريرة بتشويه وجهه بماء النار إذا رفض ترخيص صيدلية لأحد الأشخاص، وفى المنوفية تم كتابة عبارات مسيئة ضد أحد أعضاء لجنة الدخلاء بسبب رفضه ترخيص صيدلية لأحد الدخلاء».
العقوبة: حبس وغرامة
قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 نصّ على «أنه لا يُمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلى، ولا يجوز للصيدلى أن يكون مالكًا أو شريكًا فى أكثر من صيدليتين».
وحددت المادة 87 عقوبة من يزاول مهنة الصيدلة من غير الصيادلة فنصت على: «أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل منّ زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل أو باستعارة اسم صيدلى، ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلى الذى أعار اسمه لهذا الغرض ويحكم بإغلاق المؤسسة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها».
السلاسل.. مفتاح سر الاحتكار والتهريب
كتبت : إيمان الجندى
مافيا الدواء وحيتان السلاسل الصيدلانية نجحوا فى الضغط على الحكومة بزيادة أسعار الدواء وحجتهم كانت إنقاذ صناعة الدواء من الانهيار.. وجاءت الزيادات غير المسبوقة للأدوية التى لم يشملها القرار أيضاً وبنسب تعدت الـ20٪ وفقاً للقرار الصادر، مستثمرين فى ذلك معاناة المصريين مع العلاج الذى تحول معه الدواء إلى داء، حرم معه قطاع عريض من المصريين من الحصول على الأدوية.. ولم يعد الحق فى العلاج والدواء حقاً دستورياً.. فى المقابل فتح الباب على مصراعيه أمام بعض الشركات والسلاسل الصيدلانية للتربح بملايين الجنيهات خلال أيام قليلة بالالتفاف على قرار الزيادة الـ20٪ للأدوية الأقل من 30 جنيهاً ووصولها لـ60٪ زيادة بعد احتساب تلك الزيادة على كل وحدة داخل العبوة.
ولأن الـ400 صنف الدوائى الناقص فى الأسواق التى نسبة كبيرة منها يقل سعرها عن 30 جنيهاً كانت أول مبررات وزير الصحة الدكتور أحمد عماد فى تحريك تسعيرة هذه الأدوية وبما يؤدى إلى عودة شركات قطاع الأعمال إلى الإنتاج.. تلك النواقص التى لا تتوافر سوى فى كبرى السلاسل الصيدلانية الذى يرى أحد مالكيها فى تلك الزيادة «قبلة الحياة» لقطاع الدواء.. تلك السلاسل المخالفة للقانون ويراها الخبراء والمختصون منبع الأدوية المهربة والمستوردة والمحتكرة لأصناف من الأدوية.
فى جولة شملت 10 صيدليات تضمنت فى معظمها أفرعاً تابعة لكبرى السلاسل الصيدلانية للبحث عن أدوية ناقصة لمعظم الأمراض المزمنة وذلك من واقع شكاوى متعددة من المحيطين وبعض المرضى المترددين على «عيادة الوفد» كأدوية الضغط والسكر والصرع والحساسية وأمراض الكلى والقلب والكبد.
من الدقى إلى مدينة نصر ومصر الجديدة والهرم والمهندسين تبين توافر العديد من الأدوية التى يقال إنها ناقصة لدى معظم تلك السلاسل وإن لم يتوافر البعض منها يتم بمعرفة مديرى تلك الصيدليات بتوجيهنا إلى أفرع أخرى لنفس السلسلة أو لسلاسل أخرى.
ولكن الدواء لا يظهر للمشترى من أول مرة، وإنما تسبقه محاولات بالتظاهر أنه غير موجود، وإننا سنبحث لك عنه وغيرها من العبارات، وفى النهاية يخرجه الصيدلى من بين الأدراج، وبسؤالنا عن أدوية معينة مختفية فى صيدليات أخرى، تبين لنا وجودها أيضاً فى سلسلة واحدة.. وهناك البعض الذى أبلغنى بعدم توافر بعض من الأدوية الناقصة المطلوبة فى الوقت الراهن ولكن طالبنى بالاسم ورقم الهاتف على وعد بتوفيره وفى أسرع وقت ممكن.
«سلاسل الصيدليات إحدى وسائل الممارسة الاحتكارية للدواء».. هكذا تراها وتصفها نقابة صيادلة مصر، وفى إطار سعى النقابة لمحاربة هذه الظاهرة خاطبت الإدارة العامة للتراخيص الطبية والإدارة العامة للتفتيش الصيدلى بوزارة الصحة لمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة ضد ملاك سلاسل الصيدليات.
وفى هذا الإطار شكل الدكتور محيى الدين عبيد نقيب الصيادلة لجنة برئاسته لمتابعة تنفيذ الإجراءات اللازمة لضبط السوق وتصحيح الأوضاع لمنع تلك الممارسات.. وطالبت النقابة ملاك الصيدليات ومديريها بسرعة إنهاء هذا الارتباط حرصاً من النقابة على مستقبلهم ولعدم تعرضهم للعقوبات التى قد تصل إلى إسقاط العضوية.. وذلك لفتحهم مؤسسات صيدلية بالمخالفة للقانون الذى ينص على أن يدير الصيدلى صيدلية واحدة فقط ولم ينص على إدارة الصيدليات من مؤسسات.. وقد اشتعلت الأزمة بين نقابة الصيادلة وأصحاب السلاسل الصيدلية بعد أن دشن الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة حملة ضد سلاسل الصيدليات بهدف إغلاقها.. مما أثار مالك إحدى تلك السلاسل وجعله يصرح باستعداده للانسحاب من السوق إذا كانت الخدمة التى تقدمها السلسلة لا ترضى الجمهور.. مؤكداً أن فكرة سلاسل الصيدليات عالمية وليست اختراعاً.
منبع التهريب!
نقص الأدوية وراءه سوء توزيع الأدوية كأحد أسباب تلك الأزمة.. هكذا يرى الدكتور محمد سعودى الأمين العام السابق لنقابة الصيادلة، ولذلك تكتظ سلاسل الصيدليات وهى مخالفة للقانون، بكل الأدوية الناقصة وهو ما يؤثر بالسلب على الصيدليات الصغيرة!
ولذلك -ووفقاً لرؤيته- فإن أصحاب سلاسل الصيدليات الكبرى هم منبع الأدوية المهربة والمستوردة والمحتكرة أيضاً وبمشاركة موزعى الشركات، خاصة لأدوية السرطان، تلك السلاسل البالغ عددها 1500 سلسلة.. وجميعهم يتحركون معاً ولا ينفصلون عن بعض ولذلك هناك شراكة كبرى تجمع على وجه الخصوص بين أصحاب سلاسل الصيدليات الكبرى والشهيرة، ومن ثم يكون هناك توزيع للأدوار فيما بينهم والكل يحتكر أصناف الدواء الحيوية.. هكذا أجمع بعض الصيادلة خلال جولتنا ومنهم الصيادلة محمد فودة وشيرين مالك، مستدلين على ذلك بحقن الـrh والإنتروفين والأدوية التى تحتوى على اللاكتيلوز الخاصة بمرض السرطان وتجعل المرضى كعب داير وفى حلقات مفرغة ويلجأون فى النهاية لتلك السلاسل.
المشكلة قانونية
الدكتور أحمد أبودومة، المتحدث الرسمى لنقابة الصيادلة، يرى فى مشكلة النقابة مع سلاسل الصيدليات التى طفت كظاهرة منذ 10 سنوات ليست فردية أو شخصية كما يحاول البعض وصفها وإنما المشكلة قانون مزاولة الصيدلي الذى نتعامل معه الذى ينص على امتلاك صيدليتين فقط وعلى إدارة واحدة فقط، ومن ثم وجود مجموعة صيدليات لشخص ما هى مخالفة صريحة للقانون وحتى إذا قيل إنها مملوكة لصيادلة ونحن مجرد شركة إدارة فهذا أيضاً مخالف للقانون.. كما تكمن خطورة تلك السلاسل فى ضربها لاقتصاديات الصيدليات الصغيرة.. فتلك السلاسل حتماً تحصل على امتيازات من شركات الأدوية وخصومات نظراً لأنها تسحب كميات كبيرة، كما أنها تحصل على النواقص من الأدوية، وبالتالى أدخلت الصيدليات الصغيرة فى منافسة غير نزيهة وغير شفافة مع كيانات كبيرة ودون وجه حق، ولذلك كانت مطالبات النقابة بتنفيذ القانون رغم مآخذنا عليه مما شابه من عدم تعديل أو تطوير طوال سنوات مضت ولكنه موجود مما يستلزم التقييد بنصوصه لحين إشعار آخر.. كما أن تصدينا لتلك السلاسل كان من واقع تزايد شكاوى بعض الصيدليات المتواجدة بالقرب من تلك السلاسل بتوافر أدوية واردة من الخارج لديها وهى غير مسجلة وهو عمل مجرم قانوناً.. حيث إن القانون يحظر بيع أى دواء غير مسجل بوزارة الصحة المصرية وهو ما يتطلب ضرورة فتح قضية التفتيش الصيدلى للنقاش وتفعيله من خلال تطبيق جاد وموضوعى للقانون وما يوجبه من عقوبات ومخالفات على أى صيدلية صغيرة كانت أو سلسلة كبرى تتمتع بالشهرة والنفوذ!
ويبقى تعليق..
الدكتور محيى الدين عبيد، نقيب الصيادلة، فى إحدى الجلسات صرح بأن السلاسل الصيدلانية أكبر وكر للأدوية المهربة وأن صاحب أشهر سلسلة صيدليات فى مصر من وجهة نظره هو أكبر مهرب للأدوية فى مصر، ولذلك يجب التصدى لتلك الظاهرة المسماة بالسلاسل الصيدلية وأنه يجب اتخاذ وتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة لضبط السوق وتصحيح الأوضاع لمنع تلك الممارسات الاحتكارية شعار تلك السلاسل.. خاصة بعدما تدهورت صناعة القطاع الدوائى فى مصر بسبب جميع متخذى القرار على مدار العشرين عاماً الماضية، وبعدما كانت مصانع الدولة تنتج 60٪ من استهلاك المصريين للدواء أصبحت لا تنتج سوى 4٪ فقط.
فهل تحريك تسعيرة الدواء الأخيرة ستنقذ تلك الصناعة؟.. وما الإجراءات التى اتخذتها الدولة بعدما تأكد خلال الأيام التالية على تطبيق زيادة الـ20٪ أن السوق ما زال يعانى نقصاً فى معظم الأدوية المزمع إنتاجها وكان من أجلها قرار الزيادة الأخير الذى اشترط توافرها للاستمرارية فى تلك الزيادات.. التى يراها محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، ظالمة للمريض المصرى الذى يعانى من أجل توفير ثمن العلاج وفي غير مصلحته جاء هذا القرار الذى واجهت الحكومة ضغوطاً شديدة من قبل شركات الدواء والممثل الشرعى غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات التى مارست كل ألوان الضغوط على الحكومة ووزير الصحة لرفع أسعار الدواء بحجة تحقيق خسائر وهى حجة منطقية بعد ارتفاع سعر الدولار، ولكن الشركات لا تحقق خسائر ولديها أصناف دوائية تحقق ربحاً مرتفعاً بما يحدث توازناً مع الأصناف التى لا تحقق إلا هامش ربح بسيطاً أو التى لا تحقق ربحاً والمحصلة بالنسبة للشركات ليس فيه أى خسائر وإنما هم يريدون تحقيق أعلى مكاسب كنوع من التقليد لنغمة كل حاجة ارتفع سعرها بعد ارتفاع الدولار.. حتى نغمة أن قرار الزيادة سينهى أزمة نواقص الأدوية.. فهذا كلام فارغ والشركات تتحكم فى سوق الدواء لانعدام الرقابة ومن ثم أزمة النواقص للأدوية لن تحل!
أرقام وحقائق
كتبت: إيمان الجندى
< 400 صنف دوائى ناقص فى الأسواق بما يعادل ثلث الدواء فى مصر.. سعر معظمها أقل من 30 جنيهاً.
< 3224 صنفاً أسعارها أقل من 30 جنيهاً توافرها مرهون به تطبيق قرار تحريك تسعيرة الدواء الأخيرة.
< 499 لسنة 2012 قرار وزارى بمنح الحق للشركات برفع أسعار المستحضرات الدوائية فى حالة ارتفاع سعر الدولار بنسبة 15٪ وبمقتضاه أيضاً يزيد هامش ربح الصيدلى من الشركات بنسبة 25٪ للدواء المحلى و18٪ للدواء المستورد.. والصيادلة يطالبون بتنفيذه.
< 1500 إجمالى عدد سلاسل الصيدليات فى مصر منها 64 ألف صيدلية مسجلة رسمياً.
< «العزبى» و«رشدى» من أكبر السلاسل فى مصر بـ120 صيدلية للأولى، و100 صيدلية للثانية، و20 صيدلية لـ«سيف»، و30 صيدلية لـ«على».
< 15٪ من الدواء المستورد مهرب ولا يخضع لتسعير وزارة الصحة.. وفقاً لتصريحات عبدالله زين العابدين أمين عام نقابة الصيادلة.
< 70 ألفاً إجمالى الصيدليات المرخصة من وزارة الصحة موزعة على جميع أنحاء الجمهورية.
< 200 صيدلى فقط يفتشون على 65 ألف صيدلية و200 مصنع.
< قانون التسجيل يسمح للصحة بمتابعة أول 3 تشغيلات للشركات.. ومن ثم بعض الشركات تخالف معايير صرف الأدوية مقابل عمولات الأطباء.
< 30 ألفاً و117 صيدلية مخالفة من إجمالى 62 ألفاً و175 صيدلية بجميع محافظات الجمهورية بنسبة 50٪ من الصيدليات التى تم التفتيش عليها من قبل الإدارة العامة للتفتيش الصيدلى خلال العام الحالى.
< 24 كلية صيدلة بمصر يتخرج فيها 15 ألف صيدلى سنوياً لإجمالى عدد الصيدليات العامة فى مصر 70 ألف صيدلية منها 90 صيدلية تمثل أكبر أربع سلاسل صيدليات يعمل فيها 250 صيدلياً.
< 140 ألف صيدلى إجمالى عدد صيادلة مصر وفقاً لبعض التقديرات، أى بمعدل صيدلى لكل 500 مواطن تقريباً.
الصيدلة مهنة من لا مهنة له
200 مفتش فقط يراقبون 65 ألف صيدلية و200 مصنع دواء
كتبت: إيمان الجندى
لا يمر يوم، إلا ويتم ضبط كميات هائلة من الأدوية المهربة والأخرى منتهية الصلاحية، ورغم ذلك يشعر الكثيرون بأن سوق الدواء فى مصر بدون رقيب، ولا مسئول، بسبب العجز الشديد فى أعداد المفتشين «200 مفتش» مقابل زيادة أعداد الصيدليات «65 ألف صيدلية» يتردد عليها أكثر من 2 مليون مصرى يومياً، قد يتعرض بعضهم للموت نتيجة صرف روشتة دوائية بالخطأ من عمال غير مؤهلين للتعامل مع الدواء، ولا مع وصفات الأطباء.
فكثير من صيدليات إن لم يكن معظمها يعمل بها بشر يحملون صفة صيدلى بالمخالفة للقانون، والخطير هنا أنه عندما يتم ضبط هؤلاء تعاقب الصيدلية بالغلق على الورق ثلاثة شهور فقط كأقصى عقوبة محددة بالقانون، ولهذا من الطبيعى أن نرى ونسمع كل يوم عن ضحية جديدة جراء وصف أشباه الصيادلة لأدوية، وهم لا يعلمون عنها ما قد تسببه من ضرر وموت محقق!
بنص قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 المادة الأولى من القانون تحدد من هو الصيدلى ومهامه بأنه لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصريًا أو كان من بلد تجيز قوانينه للمصريين مزاولة مهنة الصيدلة به وكان اسمه مقيدًا بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية، وفى جداول نقابة الصيادلة ويعتبر مزاولة لمهنة الصيد فى حكم هذا القانون.. ببيع وتجهيز أو تركيب أو تجزئة أى دواء أو عقار أو نبات طبى أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا.
ووفقًا للمادة 30 فى القانون فلا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلى مرخص له بمزاولة المهنة يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل قضاها فى مزاولة المهنة من مؤسسة حكومية أو أهلية، ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلى الذى تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية ولا يجوز للصيدلى أن يكون مالكًا أو شريكًا فى أكثر من صيدليتين أو موظفًا حكومياً، ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب ترخيصها وأقرب صيدلية عن 100 متر.
كذلك وبنص المادة 78 من القانون تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل أو باستعارة اسم صيدلى ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلى الذى أعار اسمه لهذا الغرض ويحكم بإغلاق المؤسسة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها.
وتنص المادة 79 من القانون على أنه يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة السابقة 78 كل شخص غير مرخص له بمزاولة المهنة يعلن عن نفسه بأى وسيلة من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق فى مزاولة مهنة الصيدلة وكذلك كل صيدلى يسمح لكل شخص غير مرخص له بمزاولة مهنة الصيدلة بمزاولتها باسمه فى أى مؤسسة صيدلية.
المادة 26 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة تسمح بوجود عمال، لكن لا تسمح لهم بالقيام بأعمال الصيدلى وصرف الأدوية.
وينص القانون على غلق الصيدلية فترة تتراوح من شهر لـ3 شهور بعدها يتقدم الصيدلى بطلب لإدارة التفتيش بوزارة الصحة بإعادة الترخيص له!
ولذلك، وكما يرى الدكتور محمود سعودى، الأمين العام لنقابة الصيادلة السابق ضعف التفتيش يجعل الصيدليات تعمل دون خوف، وأصبح هناك دخلاء على مهنة الصيدلة نظرًا لضعف اقتصاديات الصيدليات أيضًا، التى تمكن صاحب الصيدلية من إعطاء أجر مناسب للصيدلى، كما أن عشوائية عمليات الرقابة والتفتيش امتدت للشركات، فعند اكتشاف خطأ بالتشغيلات دائمًا ما تكتشفه الشركة المنتجة يتم الاكتفاء بإخطار وزارة الصحة، ولذلك -والحديث لا يزال للدكتور سعودى- هناك ما لا يقل عن 2 مليون مصرى يترددون على الصيدليات معرضون للموت بسبب صرف الأدوية من خلال عمال غير مؤهلين لذلك، ورغم تخريج ما لا يقل عن 16 ألف صيدلى سنويًا من 35 كلية فى الجامعات الخاصة والحكومية.. ومع ذلك ضعف التفتيش والضوابط على تشغيل عمال الصيدليات جعل الصيدلة مهنة من لا مهنة له!
==========================
أباطرة الأدوية يحمون دخلاء المهنة
صيدليات تضحك على القانون
الصيدليات أسرار.. وسر أسرارها مالكوها وأصحابها.. ومن يبحث فى هذا السر سيكتشف أن حوالى 28 ألف صيدلية فى مصر لا يملكها صيادلة، وإنما يملكها حرفيون وجزارون وبقالون ومدرسون.. وفئات أخرى ليس لهم علاقة بالصيدلة ولا بالدواء.
المثير أن امتلاك صيدلية تحول إلى معركة ضارية.. أبطالها صيادلة، وتجار ومسئولون كبار فى كل المحافظات.. وأسلحتها مياه النار و«تجريس» ومحاولات اغتيال.. وسبب المعركة هو تراخيص الصيدليات.
ونظراً لخطورة هذه المعركة خصصت نقابة الصيادلة لجنة خاصة لخوض المعركة أطلقت عليها اسم له دلالة كبيرة فسمتها «لجنة الدخلاء».
28 ألف صيدلية يملكها جزارون وبقالون ونجارون
كتب: مجدى سلامة
تؤكد نقابة الصيادلة أن فى مصر نحو 200 ألف صيدلى، و70 ألف صيدلية.. إذن يمكن بسهولة أن يكون فى كل صيدلية صيدلى واثنان وأكثر.. ولكن الواقع يقول غير ذلك.
فحسب تقديرات الدكتور صيدلى أحمد عامر -عضو مجلس نقابة الصيادلة، رئيس لجنة الدخلاء بالنقابة- فإن نحو 40% من الصيدليات يملكها ويديرها غير الصيادلة، أى أن هناك نحو 28 ألف صيدلية لا علاقة للصيادلة بملكيتها أو بإدارتها، فملاكها الحقيقيون جزارون وبقالون وحرفيون وأصحاب أفران ونجارون ومدرسون وحاصلون على بكالوريوس علوم وأطباء بيطريون.
كيف حدث هذا؟.. يجيب الدكتور على عبدالله - مدير مركز الدراسات الدوائية - السبب فى المجاملات والرشاوى وقصور التحريات التى كانت تتم على المتقدمين بطلبات للحصول على تصريح صيدلية.
وفى نقابة الصيادلة، وجدت إجابة مماثلة تقريبًا لما قاله الدكتور «عبدالله».. وقال الدكتور أحمد عامر، رئيس لجنة الدخلاء بالنقابة: «منذ أن تولى مجلس النقابة الحالى مهمته فى مارس 2015 قرر خوض معركة ضد الدخلاء على مهنة الصيدلة، وتم تكوين لجنة عامة تحمل اسم لجنة الدخلاء، تضم 30 صيدلى، من بينهم 27 عضوًا كل منهم يمثل محافظة، إضافة إلى رئيس اللجنة ومقررين اثنين، وفى كل نقابة فرعية لجنة مماثلة تتولى إجراء تحريات حول كل من يتقدم بطلب للحصول على ترخيص صيدلية ويحق لهذه اللجنة الاستعانة بمن تشاء من موظفى النقابة لإجراء التحريات حول الصيدلية المطلوب ترخيصها، فإذا تبين أن المالك الحقيقى للصيدلية غير صيدلى يتم فورًا رفض ترخيصها».
وكشفت تقارير نقابة الصيادلة أنه تم رفض ترخيص 528 صيدلية فى 11 محافظة خلال الـ 15 شهرًا الأخيرة، بعدما تبين أن مالكيها غير صيادلة.. وحسب ذات التقارير -التى حصلت الوفد على صورة منها- فإنه النقابة تلقت 175 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة فى المنوفية تم رفض 64 طلبًا منها «بنسبة 37%» بعدما تبين أن تلك الصيدليات لا يملكها صيادلة.. ولنفس السبب تم رفض ترخيص 37 صيدلية من أصل 130 تقدموا لترخيص صيدليات جديدة «نحو 29%» فى الفيوم، وفى ذات المحافظة تم إلغاء 5 صيدليات قائمة بالفعل ومرخصة بالسابق نظرًا لامتلاكهم لغير صيادلة.. وفى القليوبية تلقت النقابة 456 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة، تم ترخيص 414 صيدلية «بنسبة 90%»، أما الباقى فتم رفضه.. وفى بنى سويف تم ترخيص 139 صيدلية، ورفض 20 طلبًا للترخيص «بنسبة 13% تقريبًا» بخلاف إلغاء ترخيص 3 صيدليات قائمة بالفعل.
وفى البحيرة تم رفض 37 طلبًا لترخيص صيدلية جديدة، وإلغاء ترخيص 5 صيدليات كانت قائمة، وتصحيح أوضاع 12 صيدلية بنقل ملكيتها لصيدلى بدلاً من الدخيل، فيما تمت إحالة 18 صيدلية للتحقيق، و23 صيدلية للهيئة التأديبية بالنقابة العامة بسبب ملكية غير الصيادلة لها.
وفى سوهاج تم تقديم 331 طلبًا لترخيص صيدلية جديدة فلم يتم سوى ترخيص 196 صيدلية فقط «بنسبة 59%»، أما النسبة الباقية فتنوعت بين رفض 82 صيدلية، والتنازل عن ترخيص 53.. وفى الدقهلية تمت الموافقة على ترخيص 327 من أصل 345 صيدلية «بنسبة 95%» تقريبًا، فى حين تم رفض 88 صيدلية، ثبت أنها غير مملوكة لصيادلة.. وفى الإسكندرية تم رفض 36 طلبًا لترخيص صيدليات جديدة.. وفى أسيوط تقدم 316 صيدلياً بطلب لترخيص صيدلية جديدة، تمت الموافقة على 156 «بنسبة 49%».. وفى الأقصر تقدم 35 صيدلياً لترخيص صيدليات جديدة، فتمت الموافقة على 11 فقط «بنسبة 31%».. وفى أسوان، تقدم للترخيص 64 صيدلية، تمت الموافقة على 52 صيدلية «بنسبة 82%».
وقال الدكتور أحمد عامر، رئيس لجنة الدخلاء بنقابة الصيادلة: إن أعضاء اللجنة تتعرض لضغوط رهيبة من نواب فى البرلمان وقضاة ورجال شرطة ومسئولين فى كل المحافظات من أجل إصدار تراخيص لصيدليات لا يملكها صيادلة، وبسبب تلك الضغوط قرر أعضاء لجنة الدخلاء فى محافظتى أسيوط وسوهاج أن تبقى أسماؤهم سرية حتى يتفادوا الضغوط التى يتعرض لها أعضاء اللجنة فى كل المحافظات، أما أعضاء اللجنة فى مطروح فطلبوا أن تتولى اللجنة العامة البت فى طلبات ترخيص الصيدليات لحساسية الأحوال هناك بسبب التركيبة القبائلية فى مطروح.
وأضاف: «وصلت الضغوط لدرجة التهديد بالقتل لأعضاء اللجنة، وفى البحيرة مثلاً تم تهديد مقرر لجنة الدخلاء الدكتور حسام جريرة بتشويه وجهه بماء النار إذا رفض ترخيص صيدلية لأحد الأشخاص، وفى المنوفية تم كتابة عبارات مسيئة ضد أحد أعضاء لجنة الدخلاء بسبب رفضه ترخيص صيدلية لأحد الدخلاء».
العقوبة: حبس وغرامة
قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 نصّ على «أنه لا يُمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلى، ولا يجوز للصيدلى أن يكون مالكًا أو شريكًا فى أكثر من صيدليتين».
وحددت المادة 87 عقوبة من يزاول مهنة الصيدلة من غير الصيادلة فنصت على: «أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل منّ زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل أو باستعارة اسم صيدلى، ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلى الذى أعار اسمه لهذا الغرض ويحكم بإغلاق المؤسسة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها».
السلاسل.. مفتاح سر الاحتكار والتهريب
كتبت : إيمان الجندى
مافيا الدواء وحيتان السلاسل الصيدلانية نجحوا فى الضغط على الحكومة بزيادة أسعار الدواء وحجتهم كانت إنقاذ صناعة الدواء من الانهيار.. وجاءت الزيادات غير المسبوقة للأدوية التى لم يشملها القرار أيضاً وبنسب تعدت الـ20٪ وفقاً للقرار الصادر، مستثمرين فى ذلك معاناة المصريين مع العلاج الذى تحول معه الدواء إلى داء، حرم معه قطاع عريض من المصريين من الحصول على الأدوية.. ولم يعد الحق فى العلاج والدواء حقاً دستورياً.. فى المقابل فتح الباب على مصراعيه أمام بعض الشركات والسلاسل الصيدلانية للتربح بملايين الجنيهات خلال أيام قليلة بالالتفاف على قرار الزيادة الـ20٪ للأدوية الأقل من 30 جنيهاً ووصولها لـ60٪ زيادة بعد احتساب تلك الزيادة على كل وحدة داخل العبوة.
ولأن الـ400 صنف الدوائى الناقص فى الأسواق التى نسبة كبيرة منها يقل سعرها عن 30 جنيهاً كانت أول مبررات وزير الصحة الدكتور أحمد عماد فى تحريك تسعيرة هذه الأدوية وبما يؤدى إلى عودة شركات قطاع الأعمال إلى الإنتاج.. تلك النواقص التى لا تتوافر سوى فى كبرى السلاسل الصيدلانية الذى يرى أحد مالكيها فى تلك الزيادة «قبلة الحياة» لقطاع الدواء.. تلك السلاسل المخالفة للقانون ويراها الخبراء والمختصون منبع الأدوية المهربة والمستوردة والمحتكرة لأصناف من الأدوية.
فى جولة شملت 10 صيدليات تضمنت فى معظمها أفرعاً تابعة لكبرى السلاسل الصيدلانية للبحث عن أدوية ناقصة لمعظم الأمراض المزمنة وذلك من واقع شكاوى متعددة من المحيطين وبعض المرضى المترددين على «عيادة الوفد» كأدوية الضغط والسكر والصرع والحساسية وأمراض الكلى والقلب والكبد.
من الدقى إلى مدينة نصر ومصر الجديدة والهرم والمهندسين تبين توافر العديد من الأدوية التى يقال إنها ناقصة لدى معظم تلك السلاسل وإن لم يتوافر البعض منها يتم بمعرفة مديرى تلك الصيدليات بتوجيهنا إلى أفرع أخرى لنفس السلسلة أو لسلاسل أخرى.
ولكن الدواء لا يظهر للمشترى من أول مرة، وإنما تسبقه محاولات بالتظاهر أنه غير موجود، وإننا سنبحث لك عنه وغيرها من العبارات، وفى النهاية يخرجه الصيدلى من بين الأدراج، وبسؤالنا عن أدوية معينة مختفية فى صيدليات أخرى، تبين لنا وجودها أيضاً فى سلسلة واحدة.. وهناك البعض الذى أبلغنى بعدم توافر بعض من الأدوية الناقصة المطلوبة فى الوقت الراهن ولكن طالبنى بالاسم ورقم الهاتف على وعد بتوفيره وفى أسرع وقت ممكن.
«سلاسل الصيدليات إحدى وسائل الممارسة الاحتكارية للدواء».. هكذا تراها وتصفها نقابة صيادلة مصر، وفى إطار سعى النقابة لمحاربة هذه الظاهرة خاطبت الإدارة العامة للتراخيص الطبية والإدارة العامة للتفتيش الصيدلى بوزارة الصحة لمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة ضد ملاك سلاسل الصيدليات.
وفى هذا الإطار شكل الدكتور محيى الدين عبيد نقيب الصيادلة لجنة برئاسته لمتابعة تنفيذ الإجراءات اللازمة لضبط السوق وتصحيح الأوضاع لمنع تلك الممارسات.. وطالبت النقابة ملاك الصيدليات ومديريها بسرعة إنهاء هذا الارتباط حرصاً من النقابة على مستقبلهم ولعدم تعرضهم للعقوبات التى قد تصل إلى إسقاط العضوية.. وذلك لفتحهم مؤسسات صيدلية بالمخالفة للقانون الذى ينص على أن يدير الصيدلى صيدلية واحدة فقط ولم ينص على إدارة الصيدليات من مؤسسات.. وقد اشتعلت الأزمة بين نقابة الصيادلة وأصحاب السلاسل الصيدلية بعد أن دشن الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة حملة ضد سلاسل الصيدليات بهدف إغلاقها.. مما أثار مالك إحدى تلك السلاسل وجعله يصرح باستعداده للانسحاب من السوق إذا كانت الخدمة التى تقدمها السلسلة لا ترضى الجمهور.. مؤكداً أن فكرة سلاسل الصيدليات عالمية وليست اختراعاً.
منبع التهريب!
نقص الأدوية وراءه سوء توزيع الأدوية كأحد أسباب تلك الأزمة.. هكذا يرى الدكتور محمد سعودى الأمين العام السابق لنقابة الصيادلة، ولذلك تكتظ سلاسل الصيدليات وهى مخالفة للقانون، بكل الأدوية الناقصة وهو ما يؤثر بالسلب على الصيدليات الصغيرة!
ولذلك -ووفقاً لرؤيته- فإن أصحاب سلاسل الصيدليات الكبرى هم منبع الأدوية المهربة والمستوردة والمحتكرة أيضاً وبمشاركة موزعى الشركات، خاصة لأدوية السرطان، تلك السلاسل البالغ عددها 1500 سلسلة.. وجميعهم يتحركون معاً ولا ينفصلون عن بعض ولذلك هناك شراكة كبرى تجمع على وجه الخصوص بين أصحاب سلاسل الصيدليات الكبرى والشهيرة، ومن ثم يكون هناك توزيع للأدوار فيما بينهم والكل يحتكر أصناف الدواء الحيوية.. هكذا أجمع بعض الصيادلة خلال جولتنا ومنهم الصيادلة محمد فودة وشيرين مالك، مستدلين على ذلك بحقن الـrh والإنتروفين والأدوية التى تحتوى على اللاكتيلوز الخاصة بمرض السرطان وتجعل المرضى كعب داير وفى حلقات مفرغة ويلجأون فى النهاية لتلك السلاسل.
المشكلة قانونية
الدكتور أحمد أبودومة، المتحدث الرسمى لنقابة الصيادلة، يرى فى مشكلة النقابة مع سلاسل الصيدليات التى طفت كظاهرة منذ 10 سنوات ليست فردية أو شخصية كما يحاول البعض وصفها وإنما المشكلة قانون مزاولة الصيدلي الذى نتعامل معه الذى ينص على امتلاك صيدليتين فقط وعلى إدارة واحدة فقط، ومن ثم وجود مجموعة صيدليات لشخص ما هى مخالفة صريحة للقانون وحتى إذا قيل إنها مملوكة لصيادلة ونحن مجرد شركة إدارة فهذا أيضاً مخالف للقانون.. كما تكمن خطورة تلك السلاسل فى ضربها لاقتصاديات الصيدليات الصغيرة.. فتلك السلاسل حتماً تحصل على امتيازات من شركات الأدوية وخصومات نظراً لأنها تسحب كميات كبيرة، كما أنها تحصل على النواقص من الأدوية، وبالتالى أدخلت الصيدليات الصغيرة فى منافسة غير نزيهة وغير شفافة مع كيانات كبيرة ودون وجه حق، ولذلك كانت مطالبات النقابة بتنفيذ القانون رغم مآخذنا عليه مما شابه من عدم تعديل أو تطوير طوال سنوات مضت ولكنه موجود مما يستلزم التقييد بنصوصه لحين إشعار آخر.. كما أن تصدينا لتلك السلاسل كان من واقع تزايد شكاوى بعض الصيدليات المتواجدة بالقرب من تلك السلاسل بتوافر أدوية واردة من الخارج لديها وهى غير مسجلة وهو عمل مجرم قانوناً.. حيث إن القانون يحظر بيع أى دواء غير مسجل بوزارة الصحة المصرية وهو ما يتطلب ضرورة فتح قضية التفتيش الصيدلى للنقاش وتفعيله من خلال تطبيق جاد وموضوعى للقانون وما يوجبه من عقوبات ومخالفات على أى صيدلية صغيرة كانت أو سلسلة كبرى تتمتع بالشهرة والنفوذ!
ويبقى تعليق..
الدكتور محيى الدين عبيد، نقيب الصيادلة، فى إحدى الجلسات صرح بأن السلاسل الصيدلانية أكبر وكر للأدوية المهربة وأن صاحب أشهر سلسلة صيدليات فى مصر من وجهة نظره هو أكبر مهرب للأدوية فى مصر، ولذلك يجب التصدى لتلك الظاهرة المسماة بالسلاسل الصيدلية وأنه يجب اتخاذ وتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة لضبط السوق وتصحيح الأوضاع لمنع تلك الممارسات الاحتكارية شعار تلك السلاسل.. خاصة بعدما تدهورت صناعة القطاع الدوائى فى مصر بسبب جميع متخذى القرار على مدار العشرين عاماً الماضية، وبعدما كانت مصانع الدولة تنتج 60٪ من استهلاك المصريين للدواء أصبحت لا تنتج سوى 4٪ فقط.
فهل تحريك تسعيرة الدواء الأخيرة ستنقذ تلك الصناعة؟.. وما الإجراءات التى اتخذتها الدولة بعدما تأكد خلال الأيام التالية على تطبيق زيادة الـ20٪ أن السوق ما زال يعانى نقصاً فى معظم الأدوية المزمع إنتاجها وكان من أجلها قرار الزيادة الأخير الذى اشترط توافرها للاستمرارية فى تلك الزيادات.. التى يراها محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، ظالمة للمريض المصرى الذى يعانى من أجل توفير ثمن العلاج وفي غير مصلحته جاء هذا القرار الذى واجهت الحكومة ضغوطاً شديدة من قبل شركات الدواء والممثل الشرعى غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات التى مارست كل ألوان الضغوط على الحكومة ووزير الصحة لرفع أسعار الدواء بحجة تحقيق خسائر وهى حجة منطقية بعد ارتفاع سعر الدولار، ولكن الشركات لا تحقق خسائر ولديها أصناف دوائية تحقق ربحاً مرتفعاً بما يحدث توازناً مع الأصناف التى لا تحقق إلا هامش ربح بسيطاً أو التى لا تحقق ربحاً والمحصلة بالنسبة للشركات ليس فيه أى خسائر وإنما هم يريدون تحقيق أعلى مكاسب كنوع من التقليد لنغمة كل حاجة ارتفع سعرها بعد ارتفاع الدولار.. حتى نغمة أن قرار الزيادة سينهى أزمة نواقص الأدوية.. فهذا كلام فارغ والشركات تتحكم فى سوق الدواء لانعدام الرقابة ومن ثم أزمة النواقص للأدوية لن تحل!
أرقام وحقائق
كتبت: إيمان الجندى
< 400 صنف دوائى ناقص فى الأسواق بما يعادل ثلث الدواء فى مصر.. سعر معظمها أقل من 30 جنيهاً.
< 3224 صنفاً أسعارها أقل من 30 جنيهاً توافرها مرهون به تطبيق قرار تحريك تسعيرة الدواء الأخيرة.
< 499 لسنة 2012 قرار وزارى بمنح الحق للشركات برفع أسعار المستحضرات الدوائية فى حالة ارتفاع سعر الدولار بنسبة 15٪ وبمقتضاه أيضاً يزيد هامش ربح الصيدلى من الشركات بنسبة 25٪ للدواء المحلى و18٪ للدواء المستورد.. والصيادلة يطالبون بتنفيذه.
< 1500 إجمالى عدد سلاسل الصيدليات فى مصر منها 64 ألف صيدلية مسجلة رسمياً.
< «العزبى» و«رشدى» من أكبر السلاسل فى مصر بـ120 صيدلية للأولى، و100 صيدلية للثانية، و20 صيدلية لـ«سيف»، و30 صيدلية لـ«على».
< 15٪ من الدواء المستورد مهرب ولا يخضع لتسعير وزارة الصحة.. وفقاً لتصريحات عبدالله زين العابدين أمين عام نقابة الصيادلة.
< 70 ألفاً إجمالى الصيدليات المرخصة من وزارة الصحة موزعة على جميع أنحاء الجمهورية.
< 200 صيدلى فقط يفتشون على 65 ألف صيدلية و200 مصنع.
< قانون التسجيل يسمح للصحة بمتابعة أول 3 تشغيلات للشركات.. ومن ثم بعض الشركات تخالف معايير صرف الأدوية مقابل عمولات الأطباء.
< 30 ألفاً و117 صيدلية مخالفة من إجمالى 62 ألفاً و175 صيدلية بجميع محافظات الجمهورية بنسبة 50٪ من الصيدليات التى تم التفتيش عليها من قبل الإدارة العامة للتفتيش الصيدلى خلال العام الحالى.
< 24 كلية صيدلة بمصر يتخرج فيها 15 ألف صيدلى سنوياً لإجمالى عدد الصيدليات العامة فى مصر 70 ألف صيدلية منها 90 صيدلية تمثل أكبر أربع سلاسل صيدليات يعمل فيها 250 صيدلياً.
< 140 ألف صيدلى إجمالى عدد صيادلة مصر وفقاً لبعض التقديرات، أى بمعدل صيدلى لكل 500 مواطن تقريباً.
الصيدلة مهنة من لا مهنة له
200 مفتش فقط يراقبون 65 ألف صيدلية و200 مصنع دواء
كتبت: إيمان الجندى
لا يمر يوم، إلا ويتم ضبط كميات هائلة من الأدوية المهربة والأخرى منتهية الصلاحية، ورغم ذلك يشعر الكثيرون بأن سوق الدواء فى مصر بدون رقيب، ولا مسئول، بسبب العجز الشديد فى أعداد المفتشين «200 مفتش» مقابل زيادة أعداد الصيدليات «65 ألف صيدلية» يتردد عليها أكثر من 2 مليون مصرى يومياً، قد يتعرض بعضهم للموت نتيجة صرف روشتة دوائية بالخطأ من عمال غير مؤهلين للتعامل مع الدواء، ولا مع وصفات الأطباء.
فكثير من صيدليات إن لم يكن معظمها يعمل بها بشر يحملون صفة صيدلى بالمخالفة للقانون، والخطير هنا أنه عندما يتم ضبط هؤلاء تعاقب الصيدلية بالغلق على الورق ثلاثة شهور فقط كأقصى عقوبة محددة بالقانون، ولهذا من الطبيعى أن نرى ونسمع كل يوم عن ضحية جديدة جراء وصف أشباه الصيادلة لأدوية، وهم لا يعلمون عنها ما قد تسببه من ضرر وموت محقق!
بنص قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 المادة الأولى من القانون تحدد من هو الصيدلى ومهامه بأنه لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصريًا أو كان من بلد تجيز قوانينه للمصريين مزاولة مهنة الصيدلة به وكان اسمه مقيدًا بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية، وفى جداول نقابة الصيادلة ويعتبر مزاولة لمهنة الصيد فى حكم هذا القانون.. ببيع وتجهيز أو تركيب أو تجزئة أى دواء أو عقار أو نبات طبى أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا.
ووفقًا للمادة 30 فى القانون فلا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلى مرخص له بمزاولة المهنة يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل قضاها فى مزاولة المهنة من مؤسسة حكومية أو أهلية، ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلى الذى تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية ولا يجوز للصيدلى أن يكون مالكًا أو شريكًا فى أكثر من صيدليتين أو موظفًا حكومياً، ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب ترخيصها وأقرب صيدلية عن 100 متر.
كذلك وبنص المادة 78 من القانون تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل أو باستعارة اسم صيدلى ويعاقب بنفس العقوبة الصيدلى الذى أعار اسمه لهذا الغرض ويحكم بإغلاق المؤسسة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها.
وتنص المادة 79 من القانون على أنه يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة السابقة 78 كل شخص غير مرخص له بمزاولة المهنة يعلن عن نفسه بأى وسيلة من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق فى مزاولة مهنة الصيدلة وكذلك كل صيدلى يسمح لكل شخص غير مرخص له بمزاولة مهنة الصيدلة بمزاولتها باسمه فى أى مؤسسة صيدلية.
المادة 26 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة تسمح بوجود عمال، لكن لا تسمح لهم بالقيام بأعمال الصيدلى وصرف الأدوية.
وينص القانون على غلق الصيدلية فترة تتراوح من شهر لـ3 شهور بعدها يتقدم الصيدلى بطلب لإدارة التفتيش بوزارة الصحة بإعادة الترخيص له!
ولذلك، وكما يرى الدكتور محمود سعودى، الأمين العام لنقابة الصيادلة السابق ضعف التفتيش يجعل الصيدليات تعمل دون خوف، وأصبح هناك دخلاء على مهنة الصيدلة نظرًا لضعف اقتصاديات الصيدليات أيضًا، التى تمكن صاحب الصيدلية من إعطاء أجر مناسب للصيدلى، كما أن عشوائية عمليات الرقابة والتفتيش امتدت للشركات، فعند اكتشاف خطأ بالتشغيلات دائمًا ما تكتشفه الشركة المنتجة يتم الاكتفاء بإخطار وزارة الصحة، ولذلك -والحديث لا يزال للدكتور سعودى- هناك ما لا يقل عن 2 مليون مصرى يترددون على الصيدليات معرضون للموت بسبب صرف الأدوية من خلال عمال غير مؤهلين لذلك، ورغم تخريج ما لا يقل عن 16 ألف صيدلى سنويًا من 35 كلية فى الجامعات الخاصة والحكومية.. ومع ذلك ضعف التفتيش والضوابط على تشغيل عمال الصيدليات جعل الصيدلة مهنة من لا مهنة له!
==========================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق